عمرو الجندى
عدد المساهمات : 274 تاريخ التسجيل : 03/07/2011
| موضوع: اثر علو الهمة في إصلاح الفرد والأمة : الأربعاء أكتوبر 30, 2013 12:43 am | |
| اثر علو الهمة في إصلاح الفرد والأمة : {}{}================{}{}
في قرن وبعض قرن، وثب المسلمون وثبةً ملأوا بها الأرض قوة وبأساً، وحكمةً وعلماً، ونوراً وهداية، وهاضوا الممالك، وركزوا ألويتهم في قلب آسيا، وهامات أفريقيا، وأطراف أوروبا، وتركوا دينهم وشريعتهم ولغتهم، وعلمهم وأدبهم تدين لها القلوب، وتتقلب بها الألسنة، وتحقق فيهم النموذج الفريد، والمثل الأعلى للبشرية، وأنهم خير أمة أخرجت للناس بعد أن كانوا طرائق قدداًًًًًًًًًًًً، لا نظام ولا قوام ولا علم ولا شريعة. إنها الهمة العالية التي تجعل العبد بقدميه على الأرض وروحه وقلبه معلق بالله تعالى وجنة عرضها السموات والأرض. أيها المسلمون: والناظر اليوم إلى حال المسلمين يرى ضعفاً وتفرقاً وتخلفاً، وعيش في مؤخرة الأمم. إن الهمة العالية هي سلم الرقي إلى الكمال الممكن في كل أبواب الخير، وهي من وسائل خلاص المسلمين مما هم فيه اليوم. لا سيما الهمة في باب العلم الذى هو سبب سبب ارتفاع الدرجات، فمن تحلى بها لان له كل صعب، واستطاع أن يعيد هذه الأمة إلى الحياة مهما ضمرت فيها معاني الإيمان، إذ أن همم الرجال تزيل الجبال . همم الأحرار تحيي الرمما نفخة الأبرار تحيي الأمما
إن أصحاب الهمة العالية فحسب هم الذين يقومون على البذل في سبيل المقصد الأعلى، وهم الذين يبدلون أفكار العالم، ويغيرون مجرى الحياة بجهادهم وتضحياتهم. لا المولعين " بإحراز الترقيات الدنيوية، وجاهدون في سبيليها ليل نهار، ولا يقبلون في السوق إلا على من يساومهم بأثمان مرتفعة، وما بلغوا من تعلقهم بالدعوة إلى الاستعداد للتضحية في سبيلها بمنافعهم، بل ولا بمجرد إمكانيات منافعهم، فإذا كنتم ترجون معتمدين على هذه العاطفة الباردة للتضحية أن تتغلبوا في الحرب على أولئك المفسدين في الأرض الذين يضحون بالملايين من الجنيهات كل يوم في سبيل غايتهم الباطلة، فما ذلك إلا حماقة
إن أصحاب الهمم العالية هم القلة التي تنقذ المواقف، وهم الصفوة التي تباشر مهمة الانتشال السريع من وحل الوهن، ووهدة الإحباط.
لا تنظرن إلى العباس من صفر في السن وانظر إلى الجد الذي شادا إن النجوم نجوم الأفق أصغرها في العين أذهبها في الجو إصعادا
ولقد توارت نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة على حث المؤمنين على ارتياد معالي الأمور والتسابق في الخيرات، وتحذيرهم من سقوط الهمة، وتنوعت أساليب القرآن الكريم في ذلك: فمنها: ذم ساقطي الهمة، وتصويرهم في أبشع صورة: كما قص الله علينا من قول موسى عليه السلام لقومه: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ..
وذم الله تعالى المنافقين المتخلفين لسقوط همتهم وقناعتهم بالدون فقال تعالى في شأنهم: {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ} وبين سبحانه فقال: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} وشنع عز وجل الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، ويجعلونها أكبر هممهم، وغاية علمهم، باعتبار هذا الإيثار من أسوأ مظاهر خسة الهمة وبين أن هذا الركون إلى الدنيا تسفل ونزول يترفع عنه المؤمن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}
وأثنى الله تعالى على أصحاب الهمم العالية، وفي طليعتهم الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل، وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}
وقد تجلت همتهم العالية في مثابرتهم وجهادهم ودعوتهم إلى الله عز وجل، كما ذكره الله عز وجل في قصص الأنبياء لنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ولقد ذكر الله تعالى أوليائه الذين كبرت همتهم بوصف الرجال في مواطن البأس والجلد والعزيمة والثبات على الطاعة والقوة في دين الله فقال عز وجل :
{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} وقال سبحانه : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} وقال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}
ولقد أمر الله تعالى المؤمنين بالهمة العالية والتنافس في الخيرات فقال عز وجل: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
| |
|